باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية
Информация о канале обновлена 20.11.2025.
باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية
إن غريزة البشر تنافي أن يصنع رجلٌ هذا البناء الشامخ لمجرد العبث.. فلقد كافح محمد وناضل وقاتل وجُرح وكاد يُقتل غير مرة، وتحمل الجوع والعنت والألم، ولم يجد إلا حصيرا قاسيا ينام عليه حتى أثر في جنبيه، وكانت وسادته من جلد حشوها ليف، وزوج ابنته الحبيبة بدرع حطمية لابن عمه الفقير، ومات هو ودرعه مرهونة عند يهودي، ومنع من وراثته وقال "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة"، ولما كسفت الشمس في يوم موت ولده أعلنها: الشمس والقمر لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته!!
لو كان محمد قد اخترع هذا الدين لجعل نفسه إلها، ولقد كان سينجح في هذا.. ولكنه لم يفعل، لأنه لا يستطيع أن يفعل.. ولا يستطيع أن يفعل لأنه كان نبيا رسولا..
اللهم أحيينا مسلمين، وتوفنا مسلمين..
ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين..
توفني مسلما وألحقني بالصالحين
لو فرضنا فرضا جدليا، وتنزلنا تنزلا سخيفا، وبدأنا الكلام من نقطة أن الإسلام ليس دينا من عند الله.. وأنه مجرد اختراع جاء به محمد..
فالحقيقة الأكيدة ساعتها أن محمدا سيكون أعظم شخصية وأذكى عقلية في تاريخ البشر.. وبلا منازع على الإطلاق..
وتأمل معي..
رجل هذا حاله، وكان:
1. بهذه العظمة في العقل والذكاء، حتى ليتوقع أمورا قبل أن تحدث بقرون، وحتى ليشهد له أذكياء الناس وعباقرتهم عبر التاريخ بالتفوق، فمنهم من آمن فخضعوا لكلامه متأملين مستسلمين.. ومنهم من لم يؤمن فشهد له بالحكمة والعبقرية!
2. وبهذه العظمة في التخطيط والتدبير، حتى لينتقل من شخص عادي في مدينة مهملة ليكون حديث العالَم بعد ألف سنة.. وفي مكانة لم يصل إليها فيلسوف ولا حكيم.. ولا يصل تأثير فيلسوف ولا حكيم لشيء من تأثيره!
3. وبهذه العظمة في التنفيذ وبناء الدول، حتى إنه ليُنشئ أمة من الصفر، وفي رحلة بدأها بعد الأربعين من عمره، ليتركها عند وفاته وهي تقارع القوى العظمى، ويترك من خلفه رجالا يجعلونها على قمة التاريخ لألف سنة بعده!
4. وبهذه العظمة في السطوة والاستيلاء على القلوب والعقول، حتى ليتفانى الناس دونه في حياته، ويتفانون دون الإساءة إليه بعد مماته بألف سنة، ويبكون خاشعين كلما تذكروا لحظة وفاته، أو كلما أنشدوا قصيدة في رثائه.. ولا ريب في أن محمدا أكثر من قيلت فيه قصائد الرثاء الرفيعة التي بكى لها الناس قرونا ودهورا!
5. وبهذه العظمة في استخراج تعاليم على هذا النحو من الشمول والاتساع والدقة، من القضايا الفلسفية الكبرى كالإيمان والغيب والإله حتى ممارسة الطهارة بالماء، مرورا بتعاليم وافية للزواج والطلاق والميراث والبيوع والمعاملات والعلاقات الدولية وأخلاق الحروب والقضاء و.. و.. و.. إلى آخره.. فما من فيلسوف ولا مصلح في تاريخ البشر شملت أفكاره وتعاليمه كل هذه المجالات في وقت واحد، وله في كل هذه الأمور وصايا وتعاليم!
6. وبهذه العظمة في فهم طبائع البشر وتحفيزهم على أن يكونوا فدائيين واستشهاديين في سبيل غيبٍ مخْتَرَعٍ غيرِ موجود، فيصف لهم جنة ونارا وملائكة وحسابا ويوما عظيما تقوم له الخلائق وتكون فيه الأهوال.. فيستخرج منهم أقصى طاقاتهم ويحفز خيالهم ويلهب مشاعرهم ليهلكوا أنفسهم في إصلاح الدنيا ومقارعة الظالمين وفي الدفاع عن المبادئ.. فيُقبلون على الموت باسمين متلهفين.. وما استطاع أحد في كل تاريخ البشر أن يُجَيَّش بتعاليمه كل هذه الجيوش منذ أن قادهم بنفسه وحتى بعد خمسة عشر قرنا، حتى صارت أمته وكأنها أمة من الفدائيين تُخرج في كل حين من يقاتلون في أقسى الظروف وأشد الأوقات لا يكلون ولا يملون!
7. وبهذه العظمة في تهذيب أخلاق البشر، حتى لقد كانت حياته وتعاليمه لحظة فارقة في التعامل مع الضعفاء والمساكين والفقراء والعبيد والمرأة والأسرى، فجعل لكل أولئك حقوقا ما كانوا يحلمون بشيء منها قبله.. بل حتى جعل للحيوان حقوقا، دون أن تُطالِب بها ولا أن تسعى إليها.. وصار كلامه في كل هذا كلاما مقدسا له سطوة على الروح والقلب، لا توزن به نصوص القوانين والشرائع والتعاليم الأخرى ولو في العصور التي يسمونها عصور القانون وحقوق الإنسان وحقوق الحيوان وحقوق الأسرى وحقوق الطفل وحقوق المرأة... إلخ!
وأستطيع أن أطيل في ذلك.. بل لقد راودتني فكرة كتاب عن هذه الأمور، أسأل الله أن يقيض له من يقوم به على وجه.. كتاب يقول: تعالوا نتخيل ما إن كانت الإسلام اختراعا من عند محمد.. فماذا يكون؟!!
إننا لو افترضنا هذا الفرض لانتهينا بلا شك إلى أن محمدا أعظم مخلوق بين البشر، بما فعله في حياته وبما تركه بعد مماته، وبما نراه من حاجة البشرية إليه وإلى تعاليمه حتى في زماننا هذا..
ولو تأملنا الصورة من هذه الزاوية، لانتهينا إلى الجزم بأن الإسلام دين من عند الله أيضا..
وذلك أن رجلا على هذا القدر من العظمة والتفرد والتألق والسبق، لو كان حقا يخترع دينا من عند نفسه، فلقد كان قادرا على أن يجعل نفسه إلها.. وكم في البشر فراعين وطغاة زعموا في نشوة السلطة والاستيلاء أنهم آلهة أو أشباه آلهة أو من نسل الآلهة!!
فأن يكون رجل منطويا على كل هذه الموهبة الطاغية ثم يُصِرُّ على أنه عبد وبشر، ويُصِرّ على أن هذا الكلام البليغ الذي جاء به ليس كلاما من عنده وإنما كلام الله، ثم يتضمن هذا الكلام عتابا له هو في عدة مواقف من حياته..
إن رجلا بهذه العظمة والسطوة على العقول والقلوب كان قادرا على أن يجعل نفسه إلها معبودا، ثم لا يفعل.. لهو دليل آخر قاطع بأن هذا الإسلام دين من عند الله لا من عند محمد!!
في البلاد التي يحكمها الطغيان لا يبقى شيءٌ حسن جميل، فالطاغية ينهبه أو يسلبه أو يستعمله لنفسه، ولا ينجو منه إلا ما تلف أو تَشوَّه أو اختبأ!
حتى الموهوبين والأكفاء والمهرة، يجبرهم أن يكونوا له!
وتأمل كيف أن العبد الصالح خرق السفينة لتنجو، وقال {وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}
تحالف ملك تلمسان مع الإسبان في مواجهة العثمانيين وواليهم على الجزائر: خير الدين بربروس!
فتوجه إليه خير الدين بجيش، لم يلبث إلا قليلا حتى هَزمه!
جاء المهزوم معتذرا ومستغفرا يطلب العفو..
إلى هنا والقصة معتادة في التاريخ.. لكن الذي حدث هو ما أحب أن نركّز عليه في أيامنا هذه..
خير الدين لم يقبل منه الاعتذار إليه هو، بل قال له:
"دع عنك هذا أيها الكافر وجدّد إيمانك.. لقد قمت بموالاة أكبر أعداء ديننا والخروج عليّ وأنت تعلم بأني أمثل خليفة المسلمين وسلطان الدنيا فسللت سيفك في وجهي!!"
ثم قال خير الدين: "أعلن سلطان تلمسان توبته بتلاوة الشهادتين وجدد دخوله في الإسلام كما أعاد العَقْدَ على زوجاته اللاتي كان قد فسد نكاحه بهن بسبب ارتداده عن الإسلام".
والآن: أيها القارئ الكريم.. ما رأيك بخير الدين التكفيري الداعشي المتطرف؟!!
من المؤسف الذي أتمزق ألما وأنا أكتبه، أن كل محاولاتي التواصل مع الإخوة السوريين في قضية جاسم الشامسي، تأتي نتائجها بما يزيد من القلق.
والتجارب السابقة مع الأنظمة المختلفة تفيد بأن هذا الاختفاء التام يعني في نهاية الأمر التسليم.
نعوذ بك اللهم أن نُفجع في سوريا بعد تحررها.
من مذكرات المجاهد البحري خير الدين بربروس.. يتحدث عن قلعة بناها الإسبان فوق جزيرة في مقابلة الساحل الجزائري.
وما أشبه الليلة بالبارحة..
قد رأينا بأعيننا كيف كان الصهاينة يتسلون بقصف المآذن، إن بالطيران أو بمدافع الدبابات، لكتم أصوات المؤذنين.
ماذا فعل خير الدين بعد تحرير هذه الجزيرة والاستيلاء على قلعتها؟!
أمسك بهذا الرامي الماهر، فربطه في فوهة مدفع، وقذفه إلى البحر!!
والرجاء من الله تعالى كما تشابهت البدايات أن تتشابه المصائر..
Владелец канала не предоставил расширенную статистику, но Вы можете сделать ему запрос на ее получение.
Также Вы можете воспользоваться расширенным поиском и отфильтровать результаты по каналам, которые предоставили расширенную статистику.
Также Вы можете воспользоваться расширенным поиском и отфильтровать результаты по каналам, которые предоставили расширенную статистику.
Подтвердите, что вы не робот
Вы выполнили несколько запросов, и прежде чем продолжить, мы ходим убелиться в том, что они не автоматизированные.
Наш сайт использует cookie-файлы, чтобы сделать сервисы быстрее и удобнее.
Продолжая им пользоваться, вы принимаете условия
Пользовательского соглашения
и соглашаетесь со сбором cookie-файлов.
Подробности про обработку данных — в нашей
Политике обработки персональных данных.