مشغول بعمله وكثرة ارتباطاته حتى أنه يصلي الفريضة في مكتبه أو في طريقه، وفي مرات كثيرة بدون راتبة أو سنة قبلية وبعديه، ولم يعد يحتفي بالأذكار لتلك الظروف التي تحتف به في كل يوم، وهو مع كل هذا يجول ببصره في محارم الله، ويخوض لسانه في أعراض المسلمين،ثم يجلس عاتباً على خلو زمانه من البركة، وعدم التوفيق !
ترفق بقلبك ياصديقي فلن يزيدك هذا الواقع إلا ضياعاً مع الأيام.

خذ جولة على أسبوعك الماضي، تأمله بعمق، أنظر أين ذهب جُل وقتك؟ كم قطعت من مسافة في مشروعك الشخصي ؟ هل تشعر أنك ممسك بزمام وقتك وتدير أولوياتك كما هو مخطط لها؟ أو تجد فراغاً لا تكاد ترى معه شيئاً يستحق الفرح والإجلال! حدثني عن أضخم أولوية في حياتك (صلاتك) هل تقوم لها مع الأذان؟ وتجل صفها الأول وتكبيرة الإحرام؟ أم أنها أصبحت كبقية الروتين الذي يؤدى في أي وقت ومكان؟ قل لي ما خبر أورادك العبادية من (صلاة وصيام وتلاوة وصدقة وذكر وصلة رحم) حدثني عن أفراح قلبك ومشاهد الجمال في روحك، أخبرني يا صديقي هل مرت بك حالات السلف التي كان يتمثلها أحدهم بقوله (والله إنها لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طرباً بذكر الله)
يا صديقي :
إذا عظّمت شعائر الله، وكانت لك أوراد ثابتة، وخبايا صالحة، وحفظت جوارحك من العبث، ورابطت على مشروعك الشخصي وأدرت أولوياتك بعناية فأنت والله الذي لا إله إلا هو على مواعيد من مشاهد الجنان العاجلة في قلبك ومشاعرك.

أنا يا صديقي الذي أضبط مواعيدك، وأرتّب جداول اجتماعاتك ، وأصلك برحمك وصديقك، وأقصّر لك مسافات طريقك، وأثري فكرك وقلبك وروحك،وأنا في المقابل أعظم سُرّاق وقتك، وألد خصوم نجاحك، وصاحب الراية في خلق شتات روحك وقلبك وفكرك، يمكنك أن تجعلني أداة لنجاحك، وبوصلة لشمالك، وخارطة لطريقك، ويمكنك أن تسلمني قيادك لأجعلك فارغاً بلا هدف،وهامشاً بلا قضية، ومشتتاً بلا غاية، بل أعدك أن أجعلك غارقاً في الهوامش إلى شحمة أذنيك، فقط أخبرك بأني وسيلة في أيدي الناجحين المقدّسين لأوقاتهم ، وكل شيء في أيدي الفارغين الضائعين.
أنا الجوال يا صديقي :
فضع نفسك في المكان اللائق بك وأنا سأتولى ما بقي من عمرك.