التوسُّع في إكفار عامة المسلمين أو ما يؤول إلى ذلك - خاصةً إذا بُني على أصول فاسدة وأقيسة باردة، وأيا من كان قائله - ضلالٌ مبين وفساد عريض ومنكر عظيم يجب إنكاره حسبةً لله سبحانه وابتغاءً لوجهه الكريم، وإذا شاع بعضُ هذا وذاع = حَرُم تأخيرُ بيانِ فساده، ومَنْ تعرّض لهذا من غير بيانِ ما فيه من الضلال بلا مواربةٍ أو غمغمةٍ فأخشى أن يكون خائنًا غاشًّا.
والمؤمن ينكر المنكرَ كلَّه، والظلمَ كلَّه، والبغيَ كلَّه، ولا يحملنّه ظلمٌ وبغي على إقرار ظلمٍ وبغي، ولا يَجْرمِنَّه شنآنُ قومٍ أو محبتهم على ألّا يعدل ..
والعدل يكون مع الكلام ومع الأنام ..
فأما العدل مع الكلام، فمنه بيان حقه من باطله، وصالحه من طالحه، ودفع ما يؤول منه إلى الغلو والإفراط والضلال أو التمييع والتفريط والتلاعب بالدين وإقرار الفساد ..
وأما العدل مع الأنام، فمنه حماية إيمانهم وأعراضهم ودمائهم من أن تُنقَض عُراها الغليظة إلا بالحق المبرَّأ من شوائب الجهل والخفّة، ومنه النصح لهم بالتحذير من أسباب الضلال والهلاك، ومنه إنكار ما يقع عليهم من ظلم وبغي لا يجري على قانون الشريعة، وإن صدر منهم خطأٌ وبدعة أو نحو ذلك، وعدم الإعانة عليهم في شيء من هذا ما استطاع المرء إليه سبيلًا!
وهذه - والله - مقامات خطيرة، ومَزَالّ أقدام، والسعيد من عرف قدره، وضَنّ بدينه وآخرته، وحمى لسانَه وبنانَه، وسكت عمّا لا يُحسن، وانشغل بخاصّة نفسه، وأمسك عن النَعْق في كل فورة، والله الهادي العاصم!