سألت أحد علماء النفس:
‏لماذا لا ينفك قاتل الناس في رابعة من محاولة تبرئة نفسه من الدم والظلم في كل مناسبة..
‏ثم لماذا أخذت أحداث رابعة حيزا كبيرا من الإعلام والدراما، وفي القلب منها مسلسل الاختيار الذي تكلم عن الحادثة وأخذت فيه حيزا كبيرا بعد مرور سنوات طويلة على حدوثها، مع أنه كان الأولى بهم أن يستثمروا نسيان الناس لها، فيزيدوا من تغييبها وإخفاء سيرتها؟!
‏فقال:
‏لأن الجاني جناية عظيمة يظل شبحها يؤرق عينيه، ووقعها يجثم على صدره، ويطارده حتى في منامه،لذلك تراه يمعن في تبرئة نفسه بفتاوى الشيوخ، وأعمال الدراما، وأحكام القضاء، ظنا منه أن ضميره سيرتاح، أو أن قلبه سيطمئن،لكن هيهات أن ينزاح الكابوس حتى يموت مغتما أو يتوب...
‏فهو كمن يشرب ماء مالحا، كلما شرب عطش، وكأنها عقوبة نفسية دنيوية قبل العقوبة الأخروية!!
‏ألم تر إلى الحجاج بعد قتله سعيد بن جبير كان إذا غفا غفوة، استيقظ مذعوراً، وهو يصيح: هذا سعيد بن جبير آخذٌ بخناقي، هذا سعيد بن جبير، يقول: فيمَ قتلتني؟ ثم يبكي، ويقول: مالي ولسعيد بن جبير، رُدّوا عني سعيد بن جبير.
‏وهذا سعيد واحد فكيف بألف ومائة وأربعة شهيد؟!!
‏وقد حكى المقربون من بعض الطغاة في عصرنا الحديث ما يدل على ذلك حتى عند موتهم، مما لا يتسع المجال لذكره من القصص والمواقف.
‏ورحم الله الحسن البصري عندما قال عن أمثال هؤلاء الطغاة:
‏(إنهم وإن طقطقت بهم البغال وهملجت بهم البراذين فإن ذل المعصية في قلوبهم، أبى الله إلا أن يُذِل من عصاه.)
‏هناك عذابات لا نراها، لكن أصحابها يعيشونها، ويتوجعون لها... وأشدها فقدان راحة البال وطمأنينة النفس.
‏فالمظلومون لا يتألمون وحدهم.
‏⁧ #خالد_حمدي⁩