إيّاك يا صاحِ أن تُسلَب منك روح الدين فيكون هيكلاً بلا حياة، تختصره في عاداتٍ يومية جامدة، أو تحبسه داخل حدود سجادة صلاة، فلا يَمسّ حياتك ولا يغيّر سلوكك ولا يُوجّه مسيرتك.

إنها دعوة خبيثة تتسلّل إلى الأجيال لتجعل الإسلام طقسًا فرديًا منزوع الأثر، فتُغلق أبواب المسجد إلا للفرائض، وتُفرَّغ العبادات من معناها الأعظم.

فالدين ما جاء ليُحبَس، بل جاء لينبُض في كل لحظة من يومك، في بيتك وعملك، في أخلاقك ومعاملاتك، في سرك وعلنِك. فلا تفرّغوا الإسلام من حقيقته الكبرى وتأثيره الشامل، فإنما ضيّع مَن قبلكم دينَهم يوم جعلوه عادةً لا عبادة، ومظهراً لا جوهراً.

| محمد جاد |

حاضرٌ أنت في قلب هذه الأحداث، فلابد لك من تأملها بعين الاستبشار لا بعين الانكسار، فهذا دَيدن المؤمن الموقن بسنن الله في كونه؛ ما اجتمع الأعداء على باطلٍ إلا كان ذلك بشارةً بقدوم نصرٍ يعقبه.

أليست هذه سنة الحبيب ﷺ؟ يضيق عليه الحال في الأرض، فتتسع له أبواب السماء وتهب نسائم النصر والفتح.

وأنا أطالع الأخبار وما يُعقد من اتفاقيات وخطط، لا أقرأها بسطورها المظلمة بل بسطور الوعد الإلهي الذي لا يُخلف: أن الله لا يخذل عباده ما داموا على الحق صابرين، متشبثين بحبل الرجاء، ينتظرون وعده الكريم الذي يأتي في اللحظة التي يظن الناس أن الأرض قد أُغلقت دونهم.

هذا هو ظني، بل يقيني، أن لله في الأحداث بُشرى، وأن الغلبة في نهاية المطاف لأمة لا يزال في قلوبها من نور التوحيد ما يبدد ظلمات العالم.

| محمد جاد |