..

اللئيمُ، كظلّ الغيمِ في يومٍ غائم، لا يمنحكَ بردًا ولا مطرًا، بل يظلّ يلاحقك بظلامه حيثما اتجهت.

هو ذاك الذي يراك تزرع فيحاول أن يقتلع البذرة قبل أن تورق، والذي لا يهنأ برؤية نورك إلّا إذا أطفأه. قلبه ضيقٌ كنافذةٍ مسدودة، ولسانه كسيفٍ مسموم، يطعنك بابتسامةٍ ويصافحك بيدٍ تخبّئ الخنجر في الأخرى.

اللئيمُ يعيش على ضعف الآخرين، كما تعيش الطفيليات على ما تبقّى من غذاء الكائنات، فإذا رأى فيك قوّة حاول أن ينال منها، وإن لمس فيك صدقًا أراد أن يلوّثه. لا يعرف فضلًا ولا يحفظ جميلًا، فإن أكرمته قابلك بالجحود، وإن أعنته ردّ لك المعروف نكرانًا.

أما كيف تتعامل معه؟ فاعلم أنّ اللؤمَ كالوحل؛ إن دخلت فيه اتّسخ ثوبك، وإن ابتعدت عنه بقيت نظيفًا. جابه بالصمت أكثر مما تجابهه بالكلام، وواجِهه بالحكمة أكثر مما تواجهه بالغضب. لا تمنحه أسرارك، ولا تضع بين يديه مفاتيح قلبك. وإذا اضطررت إلى التعامل معه، فاجعل بينك وبينه مسافةً من الحذر، كمن يمشي على جسرٍ فوق ماءٍ عكر، يمرّ بسلام لكنه لا يطيل الوقوف.

تذكّر دائمًا أنّ اللؤم ضعفٌ متنكر في ثوب القسوة، وأنّ النبلَ هو سلاحك الذي يعجز اللئيم عن حمله. فابقَ كريمًا في قلبك، صلبًا في موقفك، ولا تدع أحدًا يجرّك إلى مستواه، لأنك إن فعلت، صار الفارق بينكما غائبًا.
..