قال حماد بن زيد البصري: هؤلاء الجهميّة،
قيل لهم: لكم رب؟
قالوا: نعم.
قيل: يتكلم؟
قالوا: لا.
قيل: فله يد؟
قالوا: لا.
قيل: فله قدم؟
قالوا: لا.
قيل: فله إصبع؟
قالوا: لا.
قيل: فيرضى ويغضب؟
قالوا: لا.
قيل: فلا رب لكم.

[الحُجّة في بيان المَحجّة ١/٤٧٧ ]

[فائدة في ضابط العلماء الذين يُؤخذ عنهُم العلم]

العُلماء الذين يؤخذ عنهم العلم ويُقتدى بهم، هُم من كانوا علىٰ ما قالهُ حرب بن إسماعيل الكِرْمَانِيّ في اعْتِقَادهِ: وكانوا أَئمّة معروفين، ثقات، أهل صدق وأَمانة، يُقتدى بهم، ويُؤخَذ عنهُم، ولَم يكونوا أصحاب بدعٍ، ولا خلاف ولا تخلِيط. اهـ.

فليس ضابط العُلماء الرّبانيِّين المُقتدَى بهم عندَ أهل السُّنة والجمَاعة كَثرةُ التّأليف ولا الحفظ ولا كثرة الرِّوَايات والإجازات والمتون والمنظُومَات، وَإنّما هو الاتِّبَاع للكتاب والسُّنة وما كان عليهِ سَلفُ الأُمّة، ولا يكونُ هذا إلّا بتوفيق الله تعالى، ثُمّ بطلب علم الكتاب والسُّنة والاقتدَاء بما كان عليهِ سلف الأمّة في عقَائدهم ومُعاملاتهم.

فَفِي سير سلف الصّالحين: قال: سَمِعْتُ إبراهيم الخوّاص، يقول: ليس العلم بكثرة الرّواية إنّما العلم لمن اتّبع العلم واستعمله واقتدى بالسُّنن وإِن كان قليل العلم.

وقال قوّامُ السُّنة التّيميّ في الحُجّة في بيان المَحجّة: وليس العلم بِكَثْرَة الرِّوَايَة، وانّما هُوَ الإتباع، والاستعمال، يقتدى بالصحابة، والتّابِعِين وإِن كان قليل العلم، ومن خالف الصّحابة والتّابعِين فَهُوَ ضال، وإِن كان كثير العلم. اهـ.

وقال البربهاريّ: اعلم أن العلم ليسَ بكثرةِ الرِّواية والكُتب، ولكن العَالم: من اتّبع الكتابَ والسُّنة، وإن كان قليل العلم والكتب، ومن خالف الكتاب والسُّنة فهوَ صاحب بدعة، وإن كَان كثير الرِّواية والكُتب.

وقال أيضًا: فالله الله في نفسِك، وعليكَ بِالأَثر، وأصحاب الأثر والتّقليد، فَإِنّ الدِّينَ إنّما هو بالتّقليد "يعني للنّبيِّ ﷺ وأصحابِه رضوان الله عليهم"، ومَن قبلنَا لَم يَدَعُونا في لبسٍ، فَقلِّدهم واستَرِح، ولا تجاوز الأَثر، وأهلَ الأَثر.

وقال السّجزيّ: فالمُتَّبع للأَثر يجبُ تقدِيمهُ وإكرامُه، وَإن كان صغيرَ السِّنِّ غير نسيب، والمخالف لَهُ يلزمُ اجتنابَهُ وإن كانَ مُسِنًّا شَرِيفًا.

علّق الشّيخ عبدُالله آل حمدَان: قَد ضيّع كثيرٌ من المُتأخِّرين هذَا الضّابط فَأصبحوا يُطلقون علىٰ أَئمّة القبوريّة والجهميّة والمُعطِّلَة ومن خالف السُّنة في عقائدهِم ومنهاجهم أَوصافَ المدح والثّناء والإمامة في الدِّين لمجرَّد انتسابهم للعلم أو اشتهَارهم بالعِبادَة! وهذا يُخَالفُ ما كان عليهِ أَئمّة السُّنة.

تعليق علىٰ حاشية كتاب الشّريعة للآجرِّي رحمه الله.