فيه سبب خفي غير معلن ومش محسوس بيخرب بيت الزوجية ويهدم أركانه رأسا على عقب.
" الجــفــــاء ".
الجفاء اللي بقى حق مكتسب للطرفين إنهم يعلوا على بعض فيه؛ تحت وطأة ضغط الدنيا وأتعابها ومشاقها.
بيتسلل وينخور في الود والحب رويدا رويدا، لحد ما الرجل يصل لمرحلة إنه عنده يهد جبل ولا إنه يقول لزوجته كلمة حلوة.
يستثقلها أوي، تحت ألف مسمى، هيحس إنه مش وقته، هيحس إنها هي كمان بعيدة فخلاص، يتكسف يقولها بقى ما هما كبروا وبيكبروا، القلوب عند بعضها يا سيدي كبر دماغك!
لا!
اصح لنفسك كده، الكلام لازم يتسمع ويتحس قولا وفعلا.
وأنا هنا بحاسب الرجل أكثر من المرأة.
لأن المرأة بطبيعتها عايزة تتشاف حلوة في كثير من الأحيان حتى لو الدنيا أثقلتها بأحمال مالهاش طاقة!
ولكن تظل أنثى في كينونتها الحاجة دي.
إنما الرجل، صاحبنا الهمام اللي بيتطحن برة البيت في شغل ومعاملات وخلافه وييجي لو حد عاتبه يقولك ما أنا فيا اللي مكفيني!
لا، لسا فيك طاقة تكفي إنك تقول وتبادر وتدلع وتقول أحسن الكلام ومن كل قلبك.
تليفون الشغل لو رن عليك الساعة ١٢ بالليل وإنت في عز نومك لحاجة ضرورية هترد؛ وهتكتشف إنك عندك طاقة لسا لده!
طيب وفين زوجتك من الكلام ده؟
حاوط على أهل بيتك، متخليش الدنيا تنسيك إنك بين يديك نعمة والله العظيم تمحي كل أثر شيء.
انظرا في أوجه بعضكما وقولا قولا حسنا، متنسوش إنكم متزوجين في الأصل علشان تحققوا السكن؛ يعني المودة؛ اللي هي الضد تماما من الجفاء.

للشيخ الحويني رحمه الله جملة بديعة، قال:
"ونعوذ بالله من خصومه تسد باب الإنصاف، وتصد عن جميل الأوصاف".
وقد صدق والله، كم من واحد في أوقات الرخاء والوئام يظهر إنه حبيبك وأقرب إليك من قلبك ويغدق عليك بحلو الكلام وأطيبه وينتقي أحسن العبارات ليلقنها لك.
وعند الخلاف؛ كل ده يتحول إلى غثاء ويظهر محله بغض شديد وظلم بيّن واحتقار عظيم، كأنك بينك وبينه ثأر!
ومن التغير ده إنت ساعات هتبقى هتتجنن!
مين ده؟ مين الشخصية دي؟ ده اللي أنا كنت بعامله معاملة العزيز والغالي؟!
في أوقات الشدة تظهر معادن الناس؛ في وقوفها مع المبتلى وفي إنصافها إياه، ويظهر المؤمن حقا؛ الذي يؤمن جانبه.
معلش؛ لازم فترة غربلة كده علشان تعرف مين الصالح من الطالح.
اتعلموا الإنصاف رحمكم الله، انتصارك لنفسك على حساب غيرك وإنت ظالم له؛ عظيمة عند الله، بل وهتخسّرك كل فاضل في الدنيا وهيبتعدوا عنك لما يلاقوك بتعمل كده مع القريب، فما بالك بالغريب!

مفيش حد جليل قدام النبي..

أهل الغفلة مساكين.
يقولون: غدا نتوب، غدا نتوب، يكرمنا الله بأفعالنا الطيبة فيما قبل ونعصيه اليوم ثم نتوب غدا!.
ويأتي الغد، فيتلقفهم الموت؛ واحدا تلو الآخر.
الله يكرم ويلطف ويرحم، وهو سبحانه يعاقب ويعذب ويحاسب حسابا عسيرا.

توقفت عن إبهار الناس بما لدي، وفطنت أن الراحة كل الراحة في أن أستر نفسي عن أعينهم، وأن أتريث في كل شيء.
أعمل في صمت وأجتهد اجتهاد المثابر في صمت وأخرج بنتيجة مرجوة - إن شاء الله - وأبتعد تماما عن كل ما يؤرق قلبي؛ إن كان بحديث عابر أو موقف متداول.
ذلك لأن الدنيا باتت وتيرتها سريعة للغاية، ولا تستكين لغافل كسول.
وأن الطاعة لا تتأتى إلا بالمثابرة المرة، وكيف يثابر من يشغل نفسه بالناس أكثر من شغله بنفسه!
افعل ما تشاء، وردد ما يقوله غيرك، وتلقف المواضيع من هنا وهناك، ثم قل لي آخر عامنا هذا أو آخر شهرنا هذا - إن قدر لنا العيش - ماذا صنعت؟

فيه موسيقى خفيفة جدا في الخلفية تغاضوا عنها..
لكن اسمعوا بالله الفيديو ده للدكتور مصطفى محمود عليه رحمة الله.
والله العظيم أبكاني؛ رحمه الله كان فقيها وعالما وعارفا بالنفس ودواخلها.